لى هامش مؤتمر الجمال الثالث الذي عقد مؤخرا في الكويت، نظم يوم توعوي مفتوح نوقشت فيه التوصيات العالمية والمحظورات والتحذيرات العلاجية الخاصة بصحة المرأة. وفي محاضرتها بينت استشارية امراض النساء والحمل والتوليد د. فريال العوضي، ان جمال المرأة يبدأ من صحتها، لذا عليها رعاية صحتها النفسية والجسدية بالقدر ذاته الذي تحافظ فيه على جمالها. وضمن فعالية حملة شركة «السفيرة» للمبادرات الاجتماعية، شددت الدكتورة على اهمية التوعية بسرطان عنق الرحم الذي يعد ثاني سرطان نسائي منتشر عالميا، رغم كونه من انواع السرطان التي يمكن الوقاية منها نظرا الى توفر لقاح مضاد لمسببه الرئيسي، وهو فيروس البابيلوما البشري. كما شجعت النساء على الخضوع لفحص مسحة عنق الرحم بشكل دوري لتقصي الاصابة بالسرطان خلال فترة بداية التغيرات الخبيثة في خلايا بطانة عنق الرحم.
عوامل الإصابة
معظم مسببات الاورام السرطانية لا تزال مبهمة وترتبط بالجينات وعوامل بيئية محفزة، والامر ذاته ينطبق على سرطان عنق الرحم ايضا. لكن الدراسات اثبتت ارتباط %98 من الاصابات مع وجود فيروس ينتقل جنسيا ويسمى فيروس HPV (فيروس البابيلوما البشري). اما عوامل الاصابة الاخرى فيدخل من ضمنها التدخين وضعف المناعة والسلوكيات الجنسية الخاطئة.
واضافت د. العوضي موضحة:
– يحمل الرجل المصاب فيروس البابيلوما البشري من دون أي اعراض او اضرار جسدية، فينتقل الى المرأة خلال الاتصال الجنسي ليعيش في داخلها ويسبب اضرارا وتغيرات خبيثة، حيث يتغلغل في بطانة الرحم ويبقى خاملا لعدة سنوات الى ان تتوافر عوامل وظروف معينة تسبب نشاطه وبدء استثارته للتحورات الخبيثة في خلايا البطانة حتى يتكون سرطان عنق الرحم.
ولم تتمكن الدراسات من تحديد الفترة التي يستغرقها الفيروس حتى يسبب تكون السرطان، فقد يكون بعد سنة من الاصابة او بعد 10 سنوات او اكثر. ويعتمد ذلك على عدة عوامل غير معروفة تسبب نشاط الفيروس وتكون السرطان.
الأعراض
خلال مراحل الاصابة المبدئية بسرطان عنق الرحم، لا تشعر السيدة بأي اعراض. وفي هذه المرحلة يكون دليل الاصابة الوحيد هو نتيجة فحص مسحة عنق الرحم الذي يظهر حدوث تغيرات خبيثة في الخلايا. بينما تظهر عدة اعراض في المرحلة المتقدمة من الاصابة، من أهمها: النزف المهبلي غير الطبيعي (وقت مخالف للدورة الشهرية او بعد سن اليأس)، افرازات مهبلية مستمرة، الم اسفل الظهر، قرحة مستمرة، وصعوبة في العلاقة الزوجية.
برنامج الفحص الدوري
ونصحت د. العوضي السيدات بان يبادرن بالخضوع لفحص مسحة المهبل من بعد اول سنة زواج بشكل سنوي ولمدة 3 سنوات. فان وجد ان نتيجة المسحة تثبت استقرار خلايا البطانة فستنصح السيدة بالخضوع للفحص كل سنتين او ثلاث سنوات الى حين بلوغها عمر 54 سنة. حيث بينت الدراسات ندرة تطور الفيروس ليسبب سرطان عنق الرحم بعد عمر 54 سنة.
سن التطعيم
اعتمدت منظمة الصحة العالمية التطعيم المضاد لفيروس HPV من ضمن برنامج التطعيمات الوقائية منذ عام 2006 حتى يؤخذ من قبل الفتيات من سن 9 الى 26 سنة. أما النسخة المطورة للتطعيم فاعتمد استخدامها الى سن 43 سنة. وسن التطعيم المقترح محليا هو من 11-12 سنة وحتى 26 سنة. وبشكل عام ينصح بأخذ هذا التطعيم في الفترة التي تسبق بدء النشاط الجنسي للأنثى، لذا يفضل أخذه قبل الزواج.
وبينت الدراسات ان استجابة الجهاز المناعي للجسم وتكوين الاجسام المضادة للفيروس تكون افضل خلال السنوات المبكرة من عمر الأنثى (فترة المراهقة)، مقارنة بنتيجة التطعيم خلال سنوات العمر المتقدمة. ويؤخذ التطعيم على 3 جرعات، فبعد الجرعة الاولى بشهر او شهرين تأخذ الفتاة الجرعة الثانية، وتتبعها الجرعة الثالثة بعدها بـ 6 اشهر. لكن يجب ادراك أن التطعيم لا يمنع الاصابة بالفيروس بشكل كامل.
مشكلة الإهمال
نبهت د. العوضي الى خطأ اهمال بعض السيدات وتهاونهن في رعاية صحتهن واستشارة الطبيب عند ظهور اي اعراض غريبة. وقالت:
– بعض السيدات يهملن استشارة الطبيب حول الاعراض التي يشكين منها، رغم اهميتها لصحتهن، لأن ذلك قد يؤخر تشخيص امراض خطرة اثناء مراحل بدايتها وعندما تكون فرصة الشفاء منها عالية ومضمونة. على سبيل المثال، تعاني بعض السيدات افرازات مهبلية ومشاكل نسائية، لكنهن لا يستشرن طبيب امراض النساء بل يلجأن إلى الصديقات للحصول على نصائح غالبا ما تكون خطأ او غير مناسبة. وهو ما يطور المشكلة ويؤخر حصول المصابة على العلاج الفعال. وعليه، يجب ان تشجع المرأة على زيارة طبيب النساء بشكل دوري للفحص والتقصي المبكر للسرطان ومناقشة اي اعراض تشك فيها.
الفحص الدوري ينقذ الحياة
تقدر الوفيات الناتجة عن سرطان عنق الرحم بنصف مليون امرأة سنويا، مما يجعله ثاني اكبر انواع سرطانات النساء انتشارا بعد سرطان الثدي. وتشير الاحصائيات العالمية الى تراوح نسبة ما بين 25 – 37 حالة في كل 100 الف سيدة. بينما تشير الاحصائيات السعودية الى ان نسبة الاصابة هي 3 حالات في كل 100 الف سيدة. وهو ما يمكن تشبيهه بالوصع المحلي في دولة الكويت. وفي السياق ذاته، اشارت مؤسسة ومديرة شركة السفيرة للمسؤولية الاجتماعية ورئيسة الحملة الصحية للتوعية بسرطان عنق الرحم، مها البغلي، الى ان سرطان عنق الرحم اصاب 350 حالة في الكويت خلال السنوات العشر السابقة، وهو امر مؤسف لكونه من السرطانات التي كان يمكن الوقاية من الاصابة بها من خلال التطعيم.
وقالت البغلي:
– يمكن ان تصاب مختلف فئات الاناث العمرية بهذا المرض، ولكن نسبة الاصابة ترتفع ما بين عمر 30-45 سنة، فيما تندر الاصابة به تحت سن 25 سنة. وتهدف الحملة الحالية الى نشر الوعي بكيفية الوقاية من هذا السرطان وطرق اكتشافه المبكر. وقد اختيرت الشرائط ذات اللون الاخضر لترمز الى حملة التوعية.
وبما ان فيروس البابيلوما البشري هو السبب، يجب ايضا زيادة الوعي بإمكانية الوقاية من الاصابة به من خلال التلقيح. وبحسب مستشفى الولادة في الكويت، يتم تشخيص اصابة سيدة واحدة بهذا الفيروس على الاقل يوميا.
الثآليل ومرض HPV والسرطان
اشارت البروفيسورة لينا نجيب قعوار من جامعة «لونغ بيتش» في كاليفورنيا الى ان مرض HPV قد يحصل من غير أعراض ويختفي وحده خلال سنة إلى سنتين ومن دون ان يسبّب سرطاناً. وقالت:
– في معظم الحالات يتمكن الجسم من مقاومة مرض HPV والخلايا المصابة الى ان تستعيد الخلايا المصابة طبيعتها. ولكن في بعض الحالات، عندما لا يستطيع الجسم مقاومة اضرار فيروسHPV، يحدث المرض تغيّرات مرئية على شكل ثآليل أو سرطان. ويمكن ألا تظهر هذه التأثيرات إلا بعد أسابيع أو حتى سنين من إصابة السيدة بمرض HPV. ويعرف ان السرطان عادة ما يأخذ عدة سنوات حتى يتكوّن.